كشفت تسريبات من شركة "روستيك" الروسية، المتخصصة في الصناعات الدفاعية، عن مباحثات محتملة لبيع إيران 48 مقاتلة من طراز "سوخوي سو-35"، في صفقة قد تصل قيمتها إلى 686 مليون دولار وتمتدّ بين عامي 2026 و2028، وفق ما نقلت مجلة نيوزويك الأميركية. 

ولم تؤكد موسكو أو طهران رسميًا صحة التسريبات، لكن وسائل إعلام إيرانية مقربة من الحرس الثوري تداولت تفاصيل الصفقة على نطاق واسع، معتبرة أنها خطوة "استراتيجية" لتعزيز قدرات الردع بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل.

تأتي الأنباء في ظل تعاون عسكري متنامٍ بين روسيا وإيران، بعد حرب استمرت 12 يومًا بين طهران وتل أبيب في يونيو الماضي، وما أعقبها من غارات أميركية على مواقع نووية إيرانية. 

ويرى مراقبون أن حصول إيران على مقاتلات سو-35 سيشكل تحولًا نوعيًا في توازن القوى الإقليمي، إذ تمنح هذه الطائرات طهران قدرة أكبر على الدفاع عن منشآتها الحساسة وردع أي هجمات محتملة. 

ويقول محللون إن الصفقة تمثل أيضًا مصلحة روسية مزدوجة: تعزيز الحضور العسكري في الشرق الأوسط وتخفيف أثر العقوبات الغربية التي حدّت من صادرات السلاح الروسي خلال السنوات الأخيرة.

وبحسب مؤسسة "جامستاون" الأميركية، تراجعت صادرات الأسلحة الروسية بنسبة 92% بين عامي 2021 و2024، ما يجعل عقودًا كهذه منفذًا اقتصاديًا وسياسيًا مهمًا لموسكو. 

ويحذر مسؤولون عسكريون من أن الصفقة قد تفتح الباب أمام سباق تسلح جديد في المنطقة، خصوصًا مع تصاعد التوتر بين إيران ودول الخليج، واستمرار الغموض حول الملف النووي الإيراني.

وتزامن التسريب مع إعادة فرض الأمم المتحدة حظر الأسلحة والعقوبات على طهران في 27 سبتمبر، بعد تفعيل بريطانيا وفرنسا وألمانيا آلية "العودة السريعة للعقوبات" على خلفية البرنامج النووي الإيراني. ويقضي القرار بمنع إيران من استيراد أو تصدير الأسلحة، إضافة إلى تقييد أنشطة تخصيب اليورانيوم وإعادة المعالجة، فضلاً عن أي نشاط مرتبط بالصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية. 

في المقابل، حذّرت طهران من "ردٍّ قاسٍ" على هذه الخطوات، مؤكدة تمسّكها بحقها في الطاقة النووية السلمية، بينما دعت موسكو إلى احترام هذا الحق ودانت القصف الأميركي والإسرائيلي الذي استهدف منشآت نووية إيرانية في يونيو الماضي.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني حسن سوالمة أن الصفقة —إن تأكدت— "تعكس تحوّلًا خطيرًا في ميزان الردع الإقليمي"، معتبرًا أنها "تضيف بعدًا عسكريًا جديدًا لتحالفٍ يقوم على الضرورة الاقتصادية أكثر من التوافق الاستراتيجي". 

ويحذر سوالمة من أن "تسليح الأنظمة في غياب أفق سياسي حقيقي لا يُنتج أمنًا، بل يزيد هشاشة المنطقة ويضاعف معاناة المدنيين الذين يجدون أنفسهم دائمًا وقودًا لصراعات الآخرين".